الاثنين، ٢٥ أبريل ٢٠١١

حوار مع حفيدى سنة 2052 ( 2 - 2 )

كنت ناسيا ً بالفعل و لكن جملته ذكرتنى فغضبت و شعرت بالدماء يندفع فى عروقى و تـُذهب مفعول الدواء و قلت له فى ثورة :

- لن أنسى ... لن أنسى ما حييت أن تقصيرك أودى بحياة أمك المسكينة ؟

أجابنى فى هدوء يشوبه المرارة :

- يا أبى إستغفر الله ، أنه قدر الله و ما فعلت إلا ما أمر به الله ؟

أجبته و ثورتى مستمرة :

- أوأمر الله بـ ... ؟

سكت و قد عاودتنى آلام يدى اليسرى و قلت له :

- إذهب ... انصرف عد لدراك لن أتجادل معك أمام ابنك .

لاحظت بطرف عينى زوجته تعثر على القصاصة الصفراء و تمزقها تمزيقا ً .

قام ابنى و أخذ زوجته و حفيدى الصغير الذى ودعنى ملوحا ً بيديه الصغيرتين مهرولا ً خلف أمه ، ألقوا السلام و رحلوا .

فى الخارج قالت له زوجته فى حدة :

- أخبرتك أكثر من مرة ألا تترك ابننا عند أبيك سيفسد أخلاقه لقد كانت معه أغنية و بالتأكيد ...

قاطعها فى صرامة :

- نائلة ، انه ابى .

نظرت إليه فى استكانة و طاعة قائلة :

- انا آسفة يا زوجى .

جلست على مقعدى محاولا ً الإستكانة مرة أخرى متذكرا ً زوجتى الحبيبة التى فقدتها منذ أكثر من 10 سنوات ، عاشت حياتها معذبة مضغوطة ، تزوجتها فتاة صالحة محجبة حجاب صحيح و لكن بعد سنتان من الزواج بدأت المتاعب ... بدأت مطاردات شرطة الآداب لها لعدم إرتدائها النقاب و دون اى مراعاة لكونها على عصمة رجل و حرروا لها أكثر من مرة محاضر تحذيرية وفقا ً لقانون الآداب العامة لسنة 1441 و بعد 5 سنوات قامت شرطيات الآداب بضربها ضربا ً مبرحا ً ، علقة شديدة لإجبارها على إرتداء النقاب و بالفعل استجابت لهن ليس بإرتداء النقاب و لكن بإلتزام المنزل ، فلقد عجزت بعدها عن السير بصورة طبيعية و ظلت بالمنزل لأكثر من 15 سنة و فى النهاية كنت على سفر و تركتها فى رعاية ابننا و مرضت مرضا ً شديدا ً فسارع ابنى بإتيان طبيبة و ظل ساعة و نصف الساعة يبحث عن طبيبة دون جدوى و لا يريد أن يجلب لأمه طبيبا ً ينقذها حتى عاد للمنزل فوجد أمه قد وافتها المنية .

أفقت من ذكرياتى على آلام يدى مجددا ً فضممتها إلى صدرى و أعادتنى تلك اليد ذكريات أكثر إيلاما ً ، فلقد كتبت منذ سنوات طويلة مقال فى أحد الصحف التى لا تخضع للرقابة و لكن المقال وصل إلى هيئة الرقابة الثقافية و أصدروا أمرا ً بضرب يدى اليسرى كتحذير إذا ما عاودت الكـَرة ضربوا اليمنى و من يومها كففت عن الكتابة بشكل عام و لم تكف آلام يدى اليسرى .

ارتديت نظارة القراءة و نظرت للتقويم على الحائط 5 من جمادى الثانى 1474 هجريا ً إننا تقريبا ً فى سنة 2052 ميلاديا ً .

خلعت النظارة و قمت متكئا ً على عصاى من مقامى فتوضأت و صليت ركعتين ثم قرأت ما تيسر من القرآن و خلدت للنوم داعيا ً لحفيدى بصلاح الحال و بمستقبل أفضل .

ليست هناك تعليقات: