الجمعة، ٢٥ فبراير ٢٠١١

"يوم اللى مشى " أن يصمت الحبيب حين يجب عليه أن يتكلم



فى السنوات العشر الأخيرة تطورت نوعية الأغانى التى تحكى التجارب العاطفية المعقدة او تلك التى تتطرق إلى مشاعر الأنثى المتناقضة التى تجعل من فهم نفسية المرأة و متطلباتها أمرا ً عصيا ً على الرجال .

تفوق فى هذا المجال الشاعر بهاء الدين ثم جاء مروان خورى لينافسه بقوة و بينهما تواجد محمد رفاعى بحضوره القوى المعتاد و كذلك عدة تجارب لكل ٍ من مصطفى مرسى و أحمد مرزوق و نادر عبد الله و آخرون .

" نص حالة " لآصالة تمثل بشدة مثل هذه التجارب حتى موسيقى هشام نزيه كانت قمة فى التوتر و الكلمات كانت لمدحت الخولى : و اللى عيشنا العمر نحلم بيه نلاقيه بين ايدينا و لسة بندور عليه زى كدبة عايشة جواها الصراحة .

و ميريام فارس فى " مش أنانية " كانت فى منتهى الصدق و التناقض عندما قالت : انا مش انانية ... انانية انا عاوزاك ليا لوحدى !! تأليف : مصطفى مرسى اما بهاء الدين محمد فبحر من الإبداع و الأغانى المركبة و يكفى أن نذكر له " آه من الفراق " للهضبة : وافقته غصب عنى و وافقنى غصب عنهما بنش الضعف منى و مابنش الضعف منهومشينا و كل واحد راضى بالاتفاقو بان حزنه كله و ضعفه لما فاقو يا عينى ع اللى كان بيحب التاني اكتر ، و " نفسى أحبك " لسيدة الغناء أنغام : نفسى أحبك حب تانى ... حب يخلى غرورك يعلى و يخليك يا حبيبى أنانى علشان يوم ما تفكر تبعد او تنسانى ما تلاقيش اللى انتا لاقيته و ترجع تانى .

و أخيرا ً أحمد مرزوق فى " فيه حاجات " لنانسى عجرم : أوقات بيبان انى سكت ، و هديت و رضيت و اتعودت ، و ساعات بتحس انى زهقت مع انى بخبى انى تعبت ، ما توصلنيش يا حبيبى أقول ده يا ريتنى اتكلمت . ( إمرأة موجوعة فعلا ً )


بالطبع صدر ألبوم " ماعرفش ليه " فى توقيت سئ للغاية بالنسبة للمصريين فى ثورتنا المجيدة لذلك لا حرج على فى أننى أكتب عن الألبوم الآن ، الألبوم بدأ بداية عادية لفنانة بثقل نوال الزغبى بالأغنية الرئيسية " ما عرفش ليه " و استمر حتى هكذا حتى شحذ كل حواسى بـ " يوم اللى مشى " و عاد يصمت ثانية ً ثم صدح بـ " بالدقيقة و الثوانى " تأليف الشاعر الأيقونة أمير طعيمة و ألحان الموهوب رامى جمال ( موهوب فى التلحين فقط ) و هى ثانى أفضل أغنية فى الألبوم و أفضل أغنية باللهجة المصرية ، و باقى الألبوم سمعناه من قبل .

لذلك قررت الكتابة فقط عن " يوم اللى مشى " .

مروان خورى الشاعر الرومانسى و الملحن المتواضع فمروان عندى شاعر فى المقام الأول و ملحن فى المقام الثانى و لا أذكره كثيرا ً مطرب ، و قد لا يعرف الكثيرون أنه يـُبدع من سنة 1987 و بالنسبة للأغانى التى تحتوى قدر كبير من التركيب و التداخل بدأها مع كارول فى " اطلع فى " : في شي عم بيغيبانا عم بحسك غريبضايع منى ضايعحدى وعم بدور عليكشو اللى غيركهاك الطفل وينهشو اللى كبركمين السبب ؟وين الهوا القد الدنىو ما بينغلبيا تركنى من حالىيا اما تاخذنى ليك . و توجها مع إليسا خاصة ً فى " فى شى انكسر " : فى شى انتهى بيناتنا لما ابتدا بعدك انا شو بخاف ما صدق حدا يمرق على الشوق ، يهرب ع الهدا .

مرورا ً بـ " ذنبى انا " : تمضى الليالى و الأيام ناطر ع بابه و راضى بعذابه و لا عم بيفيدوه عتاب و ملام .

و رأيى ان " يوم اللى مشى " تتويج للشاعر مروان خورى أكثر من أن تكون إضافة لنوال الزغبى التى سبق و امتعتنا بأغان ٍ كثيرة مثل " تيجى منك " و " آخر مرة " و " أغلى الحبايب " و " مليت " و " غيب عن عينيا " .

" يوم اللى مشى " وصف جديد للحظات الوداع الأليمة لقد ودعها دون أن ينطق بكلمة واحدة !! فقط تركها و رحل صمت حين كان عليه أن يتحدث تصفه بأن " كبير " يخشى أن يرى فى عينيها دموع و أن يجرحها و لكنها كانت فى حاجة لذلك !! لأن هذا أشعرها أن حبها له لا يعنى له شئ فتمنت أن يمكث كاذبا ً على أن يرحل صادقا ً ... زورق ما عمره رسى ... بحر ما عنده غريق ... رحلة و ما إلها طريق ... يا له من إبداع ...

بالله عليكم أبعد هذا النضج نضج سمعنا الكثير من أغانى الوداع و لكنه وداع عادى ليس بين إمرأة كتلك [ تموت من الرعب عندما تعرف ان رجلها للحظة واحدة قد ملها و سئم منها إمرأة فى أمس الحاجة إلى رجلها ] و لا رجل كذلك [ أنانى و قاسى لكنه عنده ضمير !! أنانى يمحى عمرها و منها برئ !! ] .

نوال كانت صادقة جدا ً و حزينة جدا ً جدا ً و صبغ حزن حياتها الشخصية على الأغنية كما صبغ على الألبوم كله .

لحن مروان كان رشيق و لم يكن دسم فتكفينا دسامة الأشعار و ساعده توزيع هادى شرارة ، الأغنية تعطيك عندما تسمعها لأول مرة طابع الخفة و لكن رويدا ً رويدا ً تبدأ فى التسلل لنفسك و السريان تحت الجلد حتى تتشبع بالتجربة و ترى أمامك المشهد و كأنك فرغت لتوك من مشاهدة فيلم و ليس من سماع أغنية .

الأربعاء، ١٦ فبراير ٢٠١١

اليوم الأول - يوم الغضب

بدأ الأمر بثورة الشقيقة الصغرى تونس و هو الحدث الذى انتهى بفرار الرئيس المؤبدى زين العابدين إثر إشعال مواطن النار فى نفسه و هو المواطن " بو عزيزى " .
بالطبع الأحداث التى لحقت هذا فى مصر جعلتنى أشعر بإحباط شديد و أن تونس فى مجرة و نحن فى مجرة أخرى فلقد انتشرت حالات حرق الناس لأنفسهم و بتنا نشهد رواية ابراهيم عيسى " جماعة المولعين بجاز " و كان أشهرها محاولة المواطن عبده جعفر بالقنطرة إثر خلافا ً مع المحليات حول خبز لمطعمه و صرحت الحكومة بأنها حالة فردية و كان ذلك فى 17 يناير 2011 و فى اليوم التالى توفى أحمد السيد إثر قطع شرايينه لعدم وجود عمل و قام محمد فاروق بحرق نفسه .
و بصراحة كنت و غيرى موهومين أن تلك المحاولات قد تردع النظام ده نظام سابنا فى البحر نغرق و القروش تتعشى بينا و هوا بيتفرج على ماتش كورة حاينتبه لجماعة المولعين بجاز .
فى 19 يناير بدأت الدعوات على الإنترنت لمظاهرة حاشدة يوم عيد الشرطة خاصة ً من جروب " كلنا خالد سعيد " و رأيت وقتها فيديو لـ " أسماء محفوظ " الناشطة بـ 6 ابريل و لم أكن أعرف وقتها اسمها و لا الجهة التى تنتمى لها و سخرنا من الفيديو و لثغة الفتاة و اعتبرناها ضاعت زى ما ضاعت قبلها " إسراء عبد الفتاح " .
http://www.youtube.com/watch?v=ZhbKN9q319g
و لحد الساعة 5 مساءا ً لم أكن مهتم و لا حتى باتابع أشوف أصداء الدعوة لحد ما جانى تليفون من والدى بيسألنى إيه الأخبار فدورت فلقيت الناس متجمعة بالمئات فى ميدان التحرير و مافيش اى اهتمام من الجزيرة و لا حتى فى شريط الأخبار ، مش التحرير بس كمان بولاق الدرور و ميت عقبة و أرض اللواء و أماكن كتيرة و عندنا فى اسكندرية فى سيدى بشر و سيدى جابر و شارع ابو قير .
و شارك من الأحزاب الجبهة الديمقراطية و الوفد ، كما شاركت الجمعية الوطنية للتغيير و عاهم عبد الرحمن يوسف و دول اتحركوا من دار الحكمة مرورا ً بقصر العينى تحت هتاف " عيش ، حرية ، كرامة إنسانية " و كمان كان فيه بلال فضل و من الإخوان عبد المنعم ابو الفتوح و الناشط محمود عادل مؤسس جروب " البرادعى رئيسا ً " و المفآجأة مشاركة عديد من الفنانين و السينمائيين مثل عمرو واكد و خالد النبوى و المخرج عمرو سلامة و المطرب الناشئ حمزة نمرة و عندما كسرت مجموعة دار الحكماء الحصار الأمنى حدثت اصابة عمرو سلامة الشهيرة التى نتج ضربه ضربا ً مبرحا ً .
و فى التحرير ذكروا بعد كده ان عربات متخصصة لأمن الدولة كانت تشوش على الإتصالات و واجهت الناشطين مشكلة توجيه الجماهير الغير مسيسة فلموا من بعض و اشتروا ميكروفونات و خدوا الكهرباء من عواميد النور .
بالليل الأمور بدأت تتأزم فى مصر فلقد ثار السوايسة الأبطال و تعاملت معهم الشرطة بمنتهى العنف ... بالرصاص الحى و سقط اول شهيدين بالثورة و أعلن عبد الرحمن يوسف ذلك فى الإذاعة بقوله اننا بدأنا ندفع ثمن الثورة فالتهبت قلوب الناس و بدأت إذاعة التغيير بميدان التحرير و فضلت الناس معتصمة و الأمن محاصرهم لحد ما طلع البيان الأمنى ان الميدان حيفضى باى شكل .