الأربعاء، ٢٧ أبريل ٢٠١١

حوار مع حفيدى سنة 2052 ( 1 - 2 )

أفاقتنى هزة خفيفة من يد حفيدى من غفوتى على مقعدى و هو يقول :

- جدى ... جدى ، ماذا تعنى تلك الورقة ؟

تناولت منه ورقة صفراء قديمة جدا ً و وضعت على عينى نظارة القراءة و قرأت بصوت خفيض المكتوب :

احنا زمان كنا الزمان

كنا الهوى من غير هوان

كنا الأمان من غير حدود

الوهم مات

و الذكريات

قالت لحبك بالوجود

ياريت تعود

عمرى اللى راح

سماح سماح

يا حب أكبر من الجراح

ثم خلعت النظارة و أجبته فى بساطة :

- كلمات أغنية ...

نظر لى فى تساؤل و دهشة :

- ماذا تعنى أغنية ؟!

ربت على كتفه فى حنو و قلت :

- نوع من الشعر ستدرسه فى اللغة العربية مستقبلا ً .

ثم استطردت :

- إذا استطعت فاحفظ ما فى الورقة و اسألنى إذا لم تفهم منه شئ .

كان حفيدى فى السنة الخامسة من المرحلة الإبتدائية و كنت أكذب عليه لإنى أعلم جيدا ً لأنه لن يدرس سوى شعر الرثاء و المدح و الهجاء و أشعار المناسبات و الأشعار الدينية .

كنت أريد أن أقوم و أحضر له من خزانتى السرية إحدى الأغانى و أسمعها له و لكن منعنى تأثير الدواء من القيام ، كنت قد إحتفظت بعدة اسطوانات مدمجة عليها الكثير من الأغانى و الأفلام و الفيديوهات الفنية و أخفيتها فى خزانة سرية بعيدا ً عن أعين شرطة الرقابة الأدبية .

استكنت فى مقعدى و تركت الدواء يسرى فى جسدى و جلست أتذكر متى كتبت تلك الكلمات ... ، لقد كتبتها و انا فى ريعان شبابى أيام دراستى الجامعية .

سمعت رتاج الباب يـُفتح فأشرت لحفيدى إشارة يفهمها الصغير جيدا ً فسارع بإلقاء الورقة و يعاود الجلوس على مكتبى لإستذكار دروسه .

دخل ابنى متأبطا ً ذراع زوجته قائلا ً :

- السلام عليكم .

نظرت له برهة ثم رددت له السلام :

- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .

ثم قالت زوجته :

- و عليكم السلام يا عماه .

نظرت لها محاولا ً معرفة داخلها فلقد كانت منقبة و لم أرها فى العشرين سنة الماضية سوى 3 مرات و كنت قد نسيت شكلها و ملامحها و حتى صوتها إذا سمعته فى مكان غير المكان لن أميزه ، أشرت لها بإيماءة من رأسى دون أن أجيبها .

سألته :

- أين كنت ؟

فأجابنى :

- فى المؤسسة ...

كان يعنى المؤسسة الإسلامية للصيرفة و هى البديل الوحيد للبنوك منذ سنة 1442 .

- أوقضيت مصلحتك ؟

- الحمد لله قاربت على الإنتهاء .

- سترحل الآن ؟

لم يجبنى و نظر لى مليا ً و قال لى :

- ابى ، لماذا لا تريد أن تنسى و تؤمن بأنه قدر الله ؟

هناك تعليق واحد: