السبت، ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٩

حـــنـــان تـــرك ... لـلـفـن وجـوه كـثـيـرة ( 3 )


جيل حنان ترك الفنى



تنتمى حنان ترك فنيا ً إلى جيل النصف الأول من التسعينيات بالطبع أقواهن أداءا ً و أعمقهن تأثيرا ً و أعلاهن مرتبة ً منى زكى التى ظهرت للمرة الأولى من خلال استوديو الممثل لمحمد صبحى فى مسرحية " بالعربى الفصيح " سنة 1992 و كذلك ظهرت دنيا للمرة الأولى فى " المال و البنون " و فيلم " صراع الزوجات " سنة 1992 و ظهرت شيرين سيف النصر ايضا ً سنة 1992 و من أقوى ممثلات هذا الجيل و تمتلك طاقات فنية جبارة لم تستغلها كلها حتى وقتنا هذا و هى مظلومة فنيا ً جدا ً جيهان فاضل التى ظهرت للمرة الأولى سنة 1992 فى فيلم " آيس كريم فى جليم " كما ظهرت فى ذلك العام وفاء عامر ، ظهر بعدهن عبير صبرى فى " الناجون من النار " سنة 1994 و انتصار فى " ميت فل " سنة 1995 و شمس فى نفس العام ، و هناك ممثلتان بدأتا فى تلك الفترة ثم انزوتا لفترة هما هند صبرى بتونس فى فيلم " صمت القصور " سنة 1994 و علا غانم بمصر فى مسلسل " حكايات مجنونة " سنة 1995 .

أداء حنان ترك



الملمح الأول فى أداء حنان ترك أنها أخذت جزء من مدرسة التشخيص او الشخصنة ، منى زكى أخذت مثل أبيها الروحى أحمد زكى روح الشخصية فتتلبسها تماما ً اما حنان فتفردت بتقديم الشخصيات ذات التاريخ و الأبعاد فدائما ً تختار حنان الشخصية التى مهم ظهور تاريخ حياتها بالكامل فى الفيلم على عكس منى زكى التى تختار دائما ً الشخصيات التى تركز الأحداث على وضعها الحالى فقط و لقد ظهر هذا جليا ً فى " سهر الليالى " فشخصية برى مشكلتها هى كرامتها التى أثخنتها جروح الخيانة فلم تعد تتحمل فإنفجر الوضع اما فرح فمشكلتها تبدأ منذ ميلادها لأنها بنت الرقاصة ثم فى الجامعة ثم الزواج البديل ... إلخ
كذلك فى " أحلى الأوقات " الفيلم ذو اللمحة الكلاسيكية الحالمة تاريخ كامل لشخصية سلمى و شخصية غادة ابو حجر فى " حب البنات " و الأمثلة كثيرة جدا ً .
بالطبع الإعلام هو من فرض علينا المقارنة بين منى زكى و حنان رغم أن كل واحدة منهما لها منطقتها الخاصة و إن تفوقت منى على حنان فى بعض النقاط و ليس كلها .
ثانى الملامح فى أداء حنان ترك هو تخصصها فى أداء أدوار الرومانسية السوداء على عكس منى زكى التى لم تقدم مثل هذه الأدوار إلا فى " عن العشق و الهوى "
الرومانسية السوداء لا تعنى أنها الرومانسية الكئيبة فقط و لكنها فى المعنى الأوسع هى الرومانسية التى تبحث عن الحلول أكثر مما تبحث عن المشاعر و الدفء كما فى الرومانسية الحالمة و الرقيقة ، بدأت هذه النوعية من الأدوار بدور وفاء فى " الحب الأول " تلتها مباشرة ً بدور حنان فى " الآخر " و وصلت للذروة فى دور فرح فى " سهر الليالى " و لن ننسى لها ابدا ً دور نور فى " تـيـتـو " هذا الفيلم لم يكن أحمد السقا قد نضج فيه بعد من حيث قدراته التعبيرية ، الآن و بعد " العشق و الهوى " و " الجزيرة " نستطيع القول بأن السقا أصبح متمكن من أدواته اما وقتها لا لذلك كان أداء حنان مذهلا ً بالقياس بأداءه لقد بذلت مجهود كبير جدا ً فى هذا الفيلم مع طارق العريان لتظهر بهذا الشكل المعجز و لقد كان إختيار السقا لها موفقا ً إلى أبعد الحدود .
الملمح الثالث فى أداء حنان هو الدراما النفسية الوحيدة فى بنات جيلها التى قدمت هذا النوع من الدراما و تفوقت فيه و هو المجال الوحيد الذى تفوقت فيه على منى زكى و تعدتها بمراحل ، بدأت هذا النوع من الدراما بدورها فى " العاصفة " ثم دور غادة فى " حب البنات " مرورا ً بتحفة هالة خليل " أحلى الأوقات " فى دور
و كانت الذروة فى دور بفيلم " أحلام حقيقية " ... و هذا الفيلم لى معه وقفة ، ظـُـلم هذا الفيلم من صناعه قبل أن يـُـظلم من النقاد لأنهم روجوا له دعائيا ً أنه أول فيلم رعب مصرى و هذا غير صحيح على الإطلاق فلقد سبقه الكثير و الكثير من الأفلام منذ أن وضع الأسس رائد أفلام الرعب العربية محمد شبل و لكن الجديد فى " أحلام حقيقية " أن مخرجه محمد جمعة قدم لأول مرة للجمهور العربى الرعب النفسى أعتى أنواع الرعب هو الرعب من نفسك كما كان يفعل المخرج العالمى هيتشكوك و ليس كما يحدث الآن فى هوليوود و سيطرة المخرجين الآسيويين على أفلام الرعب و عشقهم للرعب البيولوجى و صدق النقاد الأمريكيون عندما قالوا انه عندما تدخل السينما لمشاهدة واحد من أفلام الرعب البيولوجى يجب أن يكون معك كيس ورقى ! نجحت حنان ترك بشكل مذهل فى أداء هذا النوع من الرعب و أثبت خالد صالح أنه رجل الأدوار الصعبة و ظهر فتحى عبد الوهاب بشكل غير مسبوق بينما كان أداء داليا البحيرى فاتر جدا ً .
و من أهم الأدوار النفسية كذلك لحنان دور فى " الحياة ... منتهى اللذة " .
بقى أن نشير إلى نقطتان الأولى ملامح حنان المصرية جدا ً ( مثل منى زكى ) التى أهلتها أول ما أهلتها للعب دور الحبيبة الأولى فى حياة اى مصرى ... بنت الجيران و لقد لعبت هذا الدور أكثر من مرة منذ فيلم " اسماعيلية رايح جاى " .
النقطة الثانية هى السباحة ضد التيار ... فلقد ظهر منذ منتصف التسعينيات مصطلح السينما النظيفة و الذى اخترعه بعض جهابذة المنتجين و المخرجين الفاشلين و ليس الجمهور او الفنانين كما يعتقد البعض فليست هناك سينما نظيفة و أخرى وسخة و إنما هناك سينما رومانسية او واقعية قد يجد المشاهد المحافظ بها بعض المشاهد - اللازمة للأحداث و ليست دخيلة عليها - التى لا ترضى ذوقه او قيمه او مبادءه و هناك سينما اجتماعية و سينما عائلية و سينما أطفال و سينما كوميدية .
و هذا ما إلتزمت به حنان ترك حرفيا ً طوال أكثر من 15 سنة سينما لم تقدم حنان مرة واحدة مشهد حميمى خارج سياق الدراما و القصة و لذلك هى لا تصنف ابدا ً على أنها ممثلة إغراء فممثلة الإغراء هيا اللى بتعمل مشاهد حميمية و بتلبس عريان بسبب و بدون سبب .
و فى هذا السياق أحب ان أوضح إلى فيلم " دنيا " فيلم أساء للفنان محمد منير كثيرا ً بأداء مبتذل و غير مناسب لسنه على الإطلاق بينما أدت حنان دورها فى الفيلم بإجادة تامة .

هذه كانت أهم ملامح أداء حنان ترك ، فى وسط هذا الخضم من الأدوار الصعبة و المتنوعة ننسى أن ميزة عصرها الأساسية هى الأدوار الكوميدية سواء الجاد منها او الهزلى ، قدمتحنان علامات فى الكوميديا الحديثة بشكل راقى جدا ً بداية ً من " جواز بقرار جمهورى " و " جاءنا البيان التالى " مرورا ً بـ " حرامية فى كى جى تو " و " حرامية فى تايلاند " و إنتهاءا ً بـ " الأباء الصغار " و " كلام فى الحب " نجحت حنان فى الكوميديا لأنها انتقت السيناريوهات التى تقدم كوميديا الموقف فى الأساس بجانب الإفيهات و لكن ليست الإفيهات هى الأساس ، كما عملت على تنوع أدوارها من الكوميديا السياسية و كوميديا المغامرات و كوميديا العائلة إلى الكوميديا الرومانسية .

حجاب حنان ترك


بالطبع حجاب حنان أمر شخصى بحت و علاقة بينها و بين الله ، فهى أرادت أن تقترب من الله زلفى و إتخذت الطريق التى رأتها مناسبة و لكن الفن شيئا ً آخر ... نفس المشكلة التى نحن بصددها منذ أكثر من 30 عاما ً تتحجب الفنانة و تريد أن تكمل مسيرتها الفنية ... كيف ؟ الحجاب حجاب و فى الفن بالذات يجب أن يرافق حجاب الجسد الإحتجاب بالمنزل .
ظهرت حنان لأول مرة بالحجاب على الشاشة الكبيرة بدور صغير فى فيلم " إبراهيم الأبيض " و اندهش الجمهور من الأداء المبهر لحنان بالضبط مثلما حدث مع الفارس محمود ياسين فى " الجزيرة " و كأننا نسينا فجأة من هى حنان ترك و ما هى إمكانيتها و تعاملنا معها كأنها وجه جديد .
لقد لخصت حنان المشكلة فى توافق مدهش مع نفسها حينما قالت " زمان الدور كان بيدور على حنان ترك دلوقت انا اللى بادور على الدور "
مشكلة حنان فى السينما مثل أنغام فى الغناء أنها ( بنت الناس ) كبرت وسط كل عائلة مصرية حياتها الشخصية مكشوفة تماما ً .

ليست هناك تعليقات: