الأربعاء، ١١ يونيو ٢٠٠٨

ليلة البيبى دول






ليلة البيبى دول




ليلة البيبى دول ... فيلم على الصعيد الشخصى انتظرته طوال عام كامل منذ أن أعلن صناعه عن بدأ تصويره ، فلقد غيرت شركة جود نيوز من الخارطة السينمائية فى مصر و صارت اسما على مسمى " أنباء سارة " ، تلكم الشركة التى استطاعت أن تدخل بالإنتاج السينمائى فى مصر عصر ما يعرف فى الإقتصاد بالإقتصاد الكبير او الإقتصاد العظيم فانتجت أفلام ( عمارة يعقوبيان ) و ( حليم ) و أخيرا ً و ليس آخرا ً ( ليلة البيبى دول ) كما أعادت أسلوب العمل الجماعى الذى غاب لفترة طويلة جدا ً عن السينما العربية و أعادت للشاشة النجوم الكبار الذين انتبذتهم شركات الإنتاج الأخرى التى تسعى للمادة فقط
بالطبع لا يستطيع ناقد هاوى مثلى نقد فيلم بهذا الحجم المعنوى قبل الحسى فحتى الناقد المحترف او حتى الخبير سيقف طويلا ً أمام فيلم مدته أكثر من 120 دقيقة و لكنى سأبذل قصارى جهدى و إن لم أفلح فسأكتفى بكونى مشاهد سينما لا يشق له الغبار
الفيلم بالأرقام :-
هذا الفيلم هو العمل 67 و الأخير فى مشوار عبد الحى أديب الذى أمتد من سنة 1957 و حتى سنة2008
و هو الفيلم الثالث للمخرج عادل أديب فلقد قدم من قبل ( هستيريا) سنة 1998 بطولة أحمد زكى و عبلة كامل و( أشيك واد فى
روكسى) سنة 1999 بطولة أشرف عبد الباقى و حسين الإمام
و هو الفيلم الرابع الذى تنتجه شركة جود نيوز
و هو الفيلم الأكثر عددا ً من حيث عدد الممثلين بعد أفلام يوسف شاهين( اسكندرية ليه) و( اسكندرية كمان و كمان) و عمارة يعقوبيان حيث بلغ عدد الممثلين ما يزيد عن 15 ممثل و ممثلة و إعلاميان من مختلف أرجاء الوطن العربى ... مصر ، سوريا ، لبنان ، تونس ....
القصة و السيناريو و الحوار :- لشيخ الكتاب المصريين و السيناريست المبدع عبد الحى أديب ، قدم أديب فى آخر أفلامه وجبة فكرية دسمة جدا ً يكفى أنها تثير النقاش بل و لن أكون مبالغا ً إن قلت الجدل و الذى تابع الفيلم جيدا ً و تغلب على سأم التطويل سيجد امامه علامة استفهام كبيرة جدا ً هل يدعو أديب إلى الجانب النظرى من العولمة او الكوكبية فيستدر عطفنا و شفقتنا على العرب و الإسرائيلين و الأمريكيين كلهم على حد سواء و يدعو بنظرة يوتوبية جدا ً إلى حقوق الإنسان المقهور تحت النظم الدكتاتورية و الإستبدادية و التى بدأها أديب بالنازية و انتهاها بالنظام الأمريكى و الذى يعرف إعلاميا بالنظام العالمى الجديد و إن لم يكن هذا غرض أديب فلماذا عرض
المحارق النازية
إحتلال فلسطين و العراق
أحداث 11 - 9 - 2001
على حد سواء ؟ هل الغرض الأساسى للفيلم مهاجمة الأنظمة الدكتاتورية العربية منها قبل الغربية ام نعود إلى أهم جملتين فى الفيلم
جملة فى إعلان الفيلم و تقول " هل يمكن لليلة واحدة من المتعة أن تضمد جراح 60 عاما ً من الآلام ؟ " و جملة أخرى فى بداية الفيلم لا أذكر نصها بالتحديد عن الفرق بين مقاومة الإحتلال و الإرهاب
على الصعيد الدرامى لا أعرف إن كان فشل ام نجاح لأديب أن يربط عدة حوادث و وقائع حقيقية معا ً بنسيج درامى واحد فناشطة السلام التى دهستها الآليات واقعة حقيقية المراسل المسجون فى ابو غريب واقعة حقيقية ... إلخ
ثم أن عبد الحى أديب هو اول من علمنا أن الدراما السيئة من أحد علاماتها أن حذف أحد مشاهدها لا يضر بالإطار العام و هذا هو ما نستطيع أن نفعله بمنتهى البساطة مع قصة ثريا مثلا ً و التى جسدتها نيكول سابا
من أكبر عيوب الفيلم هو جو الإحباط الشديد الذى يجعل العرب طوال الفيلم يتلقون الضربات فقط طوال أحداث الفيلم دون لمحة أمل واحدة ، ماذا يريد أديب من استدرار عطفنا و شفقتنا على اليهود بتدعيم أكذوبتهم عن محارق النازى ؟ أنها إسرائيلية من إسرائيلياتهم العديدة و التى لا يستطيع اى باحث جاد و مدقق إثباتها تاريخيا ً
لولا الجانب الكوميدى فى الفيلم لكان هذا الفيلم هو أكثر أفلام العالم سوادوية
الإخراج حقا ً قام عادل أديب بمجهود جبار و كان مفاجأة بكل المقاييس بالنسبة لتاريخه الإخراجى غير الناضج استطاع عادل التعامل بحرفية غير مسبوقة مع طاقم عمل متعدد الجنسيات و التعامل مع تكنولوجى سينمائية هوليوودية لم يسبقه أحد إليها و التعامل مع طاقم مهول و جبار من الممثلين من حيث عددهم و مكانتهم و امكانياتهم ، كانت إدارته للممثلين متوسطة الجودة رفعت من شأن البعض و أساءت للبعض الآخر و لم تؤثر على الإطلاق على البعض الثالث كما يتضح فى التقييم التالى :-
التقييم التمثيلى و الأدائى و الحركى للممثلين :-
كان ( ليلة البيبى دول ) مباراة تمثيلية بتقسيم الممثلين فيها لفريقين سنجد فوز ساحق لممثلين الجيل الجديد و الممثلين العرب على ممثلين الجيل القديم
محمود عبد العزيز قامة سينمائية كبيرة اشتقنا إليها كثيرا و عادت إلينا بعد غيبة طويلة ربما ليس بالأداء الذى كان يمنينا به محمود عبد العزيز نفسه و لكنها كوميديا محمود عبد العزيز الذى اشتقنا إليها كثيرا ً و وجدناها بل وجدنا أكثر مما كنا نتظره و هو كل ما كان يتطلبه الدور و اى كلمة زيادة أقوم بكتابتها عن ذلك سأسئ إلى مشوار عبد العزيز الفنى الحافل
نور الشريف فى دور شديد الصعوبة كان يستلزم ممثلا ً أكثر خبرة و دراية بالجوانب النفسية و لكنها القاعدة اى دور فى السينما او التلفزيون يتطلب فحولة جنسية او حتى عملية خصى فى واحد من أعنف مشاهد السينما المصرية و أكثرها دموية فأول الأسماء التى تطرح هو اسم نور الشريف اما عن كونه ظهر فى الفيلم عاريا ً تماما ً و لم يكن هناك سوى تظليل حول موضع العورة فلم يكن يستحق كل هذه الضجة المثارة فلقد سبقه فى أداء نفس المشهد و على شاشة التلفزيون و ليس السينما النجم الكبير محمود مرسى و معه رشوان توفيق فى مسلسل ( ابو العلا البشرى ) حيث ظهرا عاريان تماما ً مظللتان عورتهما
فى مشاهد كثيرة تطلبت تدفق المشاعر و العواطف امام حبيبته لم يقدم أكثر مما قدمه من أداء باهت سابق فى فيلم ( العاشقان ) على سبيل المثال و أخرى تطلبت الأداء النفسى الدقيق لم يقدم فيها نور سوى الصراخ المرتفع امام جمال سليمان او محمود حميدة
حقا ً لقد أساء نور إلى نفسه فى المقام الأول كثيرا ً قبل أن يسئ إلى مشاهديه فى هذا الفيلم .
محمود حميدة هذا الفنان المختلف لم يقدم فى هذا الفيلم - للأسف - سوى ما تطلبه الدور الصغير فحسب و لم يحاول بقدراته المذهلة و إمكانياته الجبارة أن يضخم من قيمة هذا الدور الصغير و على هذا لم يزده هذا الفيلم جديدا ً
ليلى علوى قدمت واحد من أسوأ أدوارها السينمائية على الإطلاق بأداء باهت لدرجة مرعبة و حوار يخرج منها بلا أدنى تعبير و كانت بحق فى هذا الفيلم مقدمة نشرة أخبار و ليس كما أرادها سيناريو أديب يهودية أمريكية متعصبة لإسرائيل ضد العرب و تتشدق بمزاعم السلام فلم تخرج الكلمات منها عن اقتناع
جميل راتب قدم فى هذا الفيلم عصارة خبرته الطويلة ليكون عكس ليلى علوى تماما ً و يقنع المشاهد بأداء دور الجنرال قائد سجن ابو غريب و يخرج منه التعصب كما لو كان امريكيا ً حقا ً فلا تصبح مبادئه و أفكاره مجرد كلمات جوفاء بل يقين تشعر فعلا ً أنه يخرج من أمريكى خاصة ً حينما يصرخ آخر الفيلم " بيكرهونا ليه ؟ ... بيكرهونا ليه ؟ "
جمال سليمان نجم سوريا الساطع الذى ابدع فى هذا الفيلم لنكمل مشوار نجاحه و نوصله بمسلسل ( ملوك الطوائف ) مباشرة مسقطين كل ما بينهما من أعمال معتبرينها أعمال فاشلة ( حدائق الشيطان ) و ( أولاد الليل ) و ( حليم ) قدم دوره فى هذا الفيلم بعمق غير مسبوق و بأداء مذهل عن مواطن [ مضروب بالجزمة ] نتاج حقبة ديكتاتورية كاملة مخصى ايضا ً ولكن نفسيا ً يحاول أن يصرخ فى وجه النظام الغاشم و العدو المتربص و لكن تذهب محاولاته سدى فلا النظام يسقط و لا العدو ينهزم ليكون مصرعه فى النهاية مآساة حقيقية تكتمل بها سوداوية الفيلم
أحمد مكى المخرج الممثل و الذى كان فيلم داخل الفيلم هو ممثله و مخرجه الوحيد بأداء مفاجأة بالمقاييس و على كل الأصعدة ليكون نقطة جديدة فى الرهان على الجيل الجديد و عضو جديد فى مدرسة < المشخصين > نستطيع أن نؤكد 100 % أن عادل أديب لو جاء بسائق سيارة أجرة حقيقى و جعله يقوم بالدور لم يكن ليستطيع أن يعبر عن نفسه و عن مهنته و عن بيئته كما عبر أحمد مكى
سولاف فواخرجى السورية الجميلة التى ( حشرها ) المخرجون المصريون فى بادئ الأمر فى دور الفتاة الرومانسية لتتفجر جل طاقاتها فى هذا الفيلم و تؤدى أصعب أنواع التمثيل ألا و هو التمثيل الكوميدى و امام من ؟ امام أحد أهم دعائم الكوميديا العربية الراقية ... محمود عبد العزيز دون تكلف او تشنج بسلاسة مدهشة
درة فى اول الأدوار الجادة بعيدا عن العرى و الإبتذال و الإغراء لتؤكد أن تونس حقا ً بلد المواهب
غادة عبد الرازق خاطفة الأضواء حقا ً لقد لفتت الأنظار إليها و استطاعت رغم صغر الدور أن تؤديه ببراعة منقطعة النظير و قدمت أداء رومانسى فائق بتعبيرات وجهية دقيقة للغاية امام اداء الشريف الباهت و كجمال سليمان انتهى دورها بمآساة حقيقية ابكتنا جميعا ً على مهانة أنفسنا امام أعدائنا
علا غانم فن الأداء الحركى فن عالمى يندر أن يستخدمه الممثل فى مصر لأن الممثل المصرى لا يهتم بجسده و ان أهتم قد لا يستطيع التعبير به و لم يبق فى مصر من يهتم بالأداء الحركى من الجيل القديم سوى محمد صبحى و مدرسته ، قام عادل أديب بإعادة تقديم علا غانم و علمها الرقص التعبيرى لتقدم مشهد واحد مذهل هو بمثابة " رقصة سالومى الأخيرة " لتجسد انتهاك العراق بأداء غير مسبوق
محمود الجندى العملاق الكامن الذى جعله سيناريو أديب يقول ... فيوجز بلهجة عراقية غاية فى الإتقان .
نيكول سابا رغم عدم أهمية الدور الذى قامت به و الذى نستطيع أن نحذفه بمنتهى السهولة من الفيلم دون أن يتأثر الفيلم البتة ، فلقد قامت نيكول بأداء جميل محت به أدوار الإغراء و العرى و الرقص السابقة لتقدم دور سيناريو بدون حوار لم نرى مثله منذ دور ليلى فوزى فى ( ضربة شمس ) لم يعبه سوى الصرخة المتكلفة فى نهاية المشهد
عزت ابو عوف دور قمة فى الفشل و دون بذل اى مجهود يذكر
التصوير لهونج مانلى انجليزى قدم صورة ممتازة و زوايا تصوير بارعة و لكن هناك مصورين مصريين كثيرين بنفس قدراته منهم على سبيل المثال لا الحصر سمير بهزان و رمسيس مرزوق
الديكور للمهندس أيمن فتحى ديكور رائع حاكى الواقع بصورة فوق الممتازة و فوق المأمولة فلم نكن لنصدق أن بهو الفندق فى بغداد ديكور لولا أن أعلنوا هم ذلك و كذلك ديكور سجن ابو غريب ... إلخ
المونتاج منى ربيع مونتيرة متفوقة أجادت أسلوب القطع المتوازى فى مشاهد الشريف مع مكى و عبد العزيز مع سليمان و مشاهد أخرى صعبة


الموسيقى تاج الفيلم و درته .... جوهرة الفيلم الأسطورة التى صنعها الموسيقار الذى بعد هذا الفيلم لم يعد له اى منازع ياسر عبد الرحمن قدم فى هذا الفيلم ذروة ابداعه الفنى فى سابقة فنية لم نشهدها منذ عقود موسيقاه تراها قبل أن تسمعها موسيقى العراق ستشعر معها فعلا بأنك فى العراق ستشعر بالتقصير لضياعه و تندم على ذلك ، موسيقى فلسطين ستجر عليك أشجان 60 سنة ربما لم تعشها ، مقطوعة كان نفسنا ستشعر معها بكل التمنى و الأمل رغم أنها موسيقى لا يوجد بها كلمة واحدة ، مقطوعة الحلم ، مقطوعتا البداية و النهاية ، مقطوعة الغضب ، مقطوعة ابو غريب بكل ما تحمله من ألم و مهانة ليتوج كل ذلك بإعادة تقديم روبى كأول موهبة يقدمها بعد المشوار الجميل مع زوجته السابقة حنان ماضى " حنان السكندرية " و نأمل أن تستمر روبى مع الموسيقار ياسر عبد الرحمن ... أغنية " ليه " التى غنتها روبى من كلمات الشاعر المختلف ابراهيم عبد الفتاح و هو نفس الثنائى الذى نفق لم نفق بعد من آخر روائعه " هو أنت ليه بعيدة كده " لتكون هذه الأغنية أهم ما قدمت روبى بعد رائعتها " مش حاتقدر " و نتمنى كذلك ألا تعود لمسلسل العرى و الإبتذال بعد أن تركت المصيبة المصرية شريف صبرى






محمد ياسر بكر

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لو سمحت غير الالوان عشان اتعميت ومعرفتش اكمل قراية!!!