الاثنين، ١ أكتوبر ٢٠٠٧

مسلسلات رمضان :- سلطان الغرام

مسلسل سلطان الغرام بطولة أحد أعلام الجيل الجديد من الممثلين هو القدير خالد صالح الذى لم يعرف البطولة المطلقة إلا أن تخطى عمره الأربعون بسنوات قليلة و نحن فى هذه المساحة المحدودة لسنا بصدد التعرض لمشواره الفنى الطويل جدا ً بدءا ً من مسرح الهناجر مرورا ً بكل أدوراه الصغير منها و الكبير و حتى البطولة التى يستحقها عن جدارة
المسلسل من إخراج شرين عادل و التى تفوقت على أستاذها مجدى أبو عميرة و قدمت دراما تلفزيونية شديدة الثراء و الجدية وقفت بها فى الصف الأول مع الدراما السورية فالمسلسل هو أنجح مسلسل إجتماعى على مستوى كافة المسلسلات المصرية الإجتماعية هذا العام و قدمت بإقتدار مسلسل واقعى من تأليف السيناريست محمد أشرف و الذى أثبت هذا العام مقدرة عالية على الكتابة التلفزيونية الدرامية الناجحة بعد أعماله النصف ناجحة فى السنوات السابقة و أكد خالد صالح أن الجيل الجديد من الممثلين هو وحده الذى يملك الصدارة الآن بعيدا ً عن نجوم التلفزيون الكبار الذين تقل أعمالهم جودة كل عام عن العام الذى يسبقه و نجوم السينما القدامى الذين تركوا السينما رغما ً عنهم أمام رغبة المنتجين المتسلطين و هاجروا إلى التلفزيون ليقدموا أعمال شديدة الرداءة يسيئوا بها إلى أنفسهم قبل أن يسيئوا إلى الدراما المصرية فقط ليثبتوا أنهم موجودين
جمعت شرين عادل إلى جوار خالد صالح كوكبة من النجوم ، الكبار منهم أخرجوا جل طاقاتهم عندما رأوا أن العمل يستحق وعلى رأس هؤلاء الكبار المبدع السيد راضى و الفنانة الجميلة القديرة المتمكنة إلى أبعد الحدود خيرية أحمد ثم يأتى بعدهم فى مرتبة منفردة الفنانة لوسى الذى ترددت فى الماضى ما بين التمثيل و الرقص الإستعراضى و الإباحى و الغناء لتقدم لأول مرة دور شديد الجدية و الإتقان - بالنسبة لتاريخها - بعدها يأتى عديد من نجوم التلفزيون كان أقدرهم مفيد عاشور يليه روجينا و كذلك كان منفردا النجم طارق لطفى الممثل الوحيد من بين جيله الذى يقتنع بموقعه كممثل ثانى محترف و لا يسعى ابدا ً إلى البطولة مثل كثير من نجوم الصف الثانى الراحلين أمثال إستيفان روستى و عبد السلام النابلسى و عبد المنعم إبراهيم ... إلخ ثم أحمد عزمى الممثل الشاب الذى تربى تلفزيونيا ً و سينمائيا ً على يد عديد من المخرجين العظماء ليقدم فى هذا المسلسل واحد من أجمل أدواره على الإطلاق و تمثيليا ً مايا نصرى تتقدم بشكل ملحوظ و ملفت و أخيرا ً رانيا يوسف فى أداء جاد لأول مرة بعيدا ً عن ملابسها العارية
محمد أشرف :- القصة الدرامية شديدة الحبكة بحوار عالى الجودة إفتقدناه منذ سنوات و تناول درامى واقعى شديد الجدية للشخص متعدد الزوجات بعيدا ً عن الأداء الصبيانى المراهق لنور الشريف فى الحاج متولى و التناول الكوميدى السخيف لهذه المسألة رسم محمد أشرف شخصية مصرية شديدة المصداقية للشخص متعدد الزيجات من كل الجوانب الفحولة الجنسية موروثة عن الأب المتعدد الزيجات بدوره و لكنها لا تظهر فى بداية الأمر إلى يبدأ الرجل فى الثراء بل و يتوافق معها الحب لأول مرة فالزيجة الأولى كانت تقليدية لبناء الأسرة و درء الشهوة فحسب ثم أتاه المال اللازم و الحب فكانت الزيجة الثانية و تتصاعد الفحولة و لأنه لا يريد إلا ( الحلال ) و لا يتمالك نفسه أمام الجديدة فيحاول أن يبعد كما بعد سابقا ً و لكن لا يستطيع فتكون الثالثة ... و القاضية
و على مستوى الخط الدرامى و العمرى إستطاع رسم قصة صعود بحنكة بالغة من تباع إلى سائق إلى مالك و زارع أراضى و رجل أعمال ... ثم السقوط
كانت القصة فى مجملها واقعية عاب عليها كثير من النقاد الآتى : 1 - تعدد الزوجات 2 - السذاجة فى كثير من الأحداث أولها طريقة الإيقاع بنورا فى أول المسلسل و آخرها سقوط سلطان الغير مبرر
هؤلاء النقاد لم يضعوا فى إعتبارهم أن شيرين عادل فى مهارة بالغة لم تضطر إلى التأريخ بالأرقام و إنما إعتمدت فى حرفية بالغة على الأغانى و الملابس و الديكور و طريقة الكلام و الأدوات فالقصة بدايتها وقعت تقريبا فى الستينيات او اوائل السبعينيات و الدليل على ذلك أغانى ليلى مراد و فريد الأطرش و نجاة الصغيرة و الملابس القديمة و طريقة التحدث ثم بدأ الحديث عن إستصلاح الصحراء و مشروع مبارك للخريجين فدخلنا بذلك الثمانينيات ثم قفز المسلسل إلى أواخر التسعينيات فى واقعة غير مسبوقة فى الدراما المصرية لمنع المط و التطويل فظهرت الملابس الحديثة و الهواتف المحمولة و الأغانى الجديدة و اللهجة الشبابية الجديدة
كما نجح محمد أشرف فى نسج قصة رومانسية جميلة بأغانى الموسيقار العظيم فريد الأطرش
شرين عادل:- نجحت أول ما نجحت فى الإدارة العمرية للممثلين فنرى المتألق خالد صالح فى أول المسلسل شابا ً فتيا ً يتقافز و يقوم بتحميل المقطورات بينما فى آخر المسلسل و قد بلغ من العمر مبلغه يسير منحنى الظهر و لايستطيع أن يرفع نفسه ربع متر ليجلس على مؤخرة السيارة و كذلك الأداء المذهل لخيرية أحمد عبر مراحل عمرية كثيرة و كذلك السيد راضى الذى قام بدور( الفحل المزواج ) بتمكن بليغ ثم العجوز الذى يبحث عن المتعة وكذلك لوسى بينما فشلت كل من مايا نصرى و روجينا و رانيا يوسف - بترتيب الفشل من الأفشل - فى إتقان التقدم فى العمر
قادت شرين عادل فريق عمل ممتاز من ديكوريست و مصورين و ممنترين و ممنتجين و مهندسى الصوت أظهروا العمل فى أبهى صورة له فصحبنا العمل عبر المكان و الزمان فى رحلة خلاقة من منزل فقير فى مطلع السبعينيات إلى منزل رجل أعمال فى بداية الألفينيات و التصوير عبر عديد من المناطق فى مصر و السرد البصرى لتباع ( ثم سائق ) يطوف و يزور كثير من المناطق
خالد صالح :- فنان عبقرى من مدرسة المشخصين و هى مدرسة رائدها الفنان الراحل أحمد زكى ، فتلبس خالد روح الشخصية و يلم بكل أبعادها و فى هذا العمل قدم التباع المخلص و لكنه ذكى و طموح لأبعد حد يندم فى كل يوم أنه لم يحصل سوى على الشهادة الإعدادية و أن الفاقة قد إضطرته إلى عدم إكمال تعليم ابنه الأكبر و دخل لعبة ( تسقيع ) الأراضى و زراعتها
و فى الجوانب الإنسانية تألق خالد فى الأداء ... أداء الزوج الفقير الذى يكابد فى الحياة لإسعاد زوجته و أولاده و أمه ثم الإخلاص لزوجته رغم زواجه التقليدى منها و يأتيه الحب فيهرب منه لذلك الإخلاص ثم الشهوة و تجاهل الزوجة لها فتكون الزيجة الثانية ثم تأتى الصدمة ثم التكيف مع تجمد الزيجة الأولى و رفض الطلاق فعلى حد تعبيره ( اللى أتجوزها تبقى تأممت ) ثم كان الصعود و معه الزيجة الثالثة رغبة ً فى إرضاء شهوته أكثر و طموحاته الإجتماعية و المادية التى لا تنتهى ثم السقوط ، اما عن الأداء العبقرى لعلاقته بإبنه الأكبر و بابيه ليكون الثلاثة حلقة متصلة فى غاية الصلابة و الحب و الإتصال تــُوجت هذه العلاقة بأداء عبقرى من خالد عندما دخل عليه ابنه و هو فى فراشه واجم و حزين و قال :- البقية فى حياتك فرد عليه بتوجم أكبر :- فى مين يا محمد ؟ فيرد عليه :- جدى فيذهبا ليرا جثمان الجد المسجى و يتألق خالد و هو يخاطب الجثمان ، و يؤدى بتمكن التقدم فى العمر و يشور على ابنه فى كل صغيرة و كبيرة فيختارا فى النهاية الأسرة على المال
السيد راضى كان أداءه يناسب تاريخه الطويل بأداء كوميدى يميزه و علاقته بابنه سلطان رائعة فهو يفضله على كافة أبناءه رغم أنه ليس أكبرهم
خيرية أحمد الأداء القوى طوال المسلسل و لم يضعف ابدا حتى مشهد إحتضارها المؤثر و نوم ابنها على صدرها الأكثر تأثيرا ً بل و تظل مؤثرة حتى بعد موتها بنصائحها الغالية
لوسى فى اول أدوراها الجادة ... زوجة فقيرة تساعد زوجها أتقنت لوسى الدور و لم يعبها سوى ( مسكنة ) غير لازمة و تكلف فى طريقة الكلام و قدمت بأداء ممتاز الزوجة التى تزوجت صغيرة السن ... يتيمة فنشأت فى كنف حماتها حتى غدت الأخيرة تدافع عنها و الأولى تناديها بـ ( يامه ) و رغم تكرار مشهد مواجهة الزوجة الأولى و الثانية فى الدراما المصرية إلا أن لوسى تجاوزت ذلك الإمتحان بنجاح
طارق لطفى مفاجئ كالعادة بأداء مبهر منقطع النظير بسلاسة مدهشة و كانت المشاهد التى تجمع بينه و بين خالد هى الأكثر حرفية بعد المشاهد التى تجمع بين خالد و السيد راضى
مايا نصرى تتقدم فى الأداء بشكل ملحوظ و إن لم تقدم دورها المعقد بكفاءة كاملة فلقد شاب أداءها بعض القصور و يحسب لها القيام بدور المرأة المتسلطة بنجاح كبير و قد إنتهى مثل هذه الأدوار بعد نهاية نادية الجندى او نبيلة عبيد السينمائية
أحمد عزمى الممثل الشاب الذى قدم العديد و العديد من الأدوار ترددت بين النجاح و الفشل و كان دوره فى هذا المسلسل هو الأنجح بعد دوره فى فيلم ( خريف آدم ) فلقد قدم كابن سلطان الأكبر أداءا ً جميلا ً لم تشبه اى شائبة و وقف امام قامات عليا مثل السيد راضى و خيرية أحمد بثبات مطلق


محمد ياسر بكر

ليست هناك تعليقات: